نشأة الدولة العثمانية وتوسعها
1- أصل العثمانيين ونشاة دولتهم
ينتمي العثمانيون الى قبيلة "قايي" وهي إحدى قبائل الغز التركية، وأصلها من أواسط آسيا.
ويبدأ ذكرهم تاريخيا حينما اجتاح المغول أجزاء واسعة من آسيا والمشرق خلال القرن 7هـ/13م، فقامت قبيلة قايي بزعامة سليمان شاه بالاتجاه غربا هربا من المغول.
وقبائل الغز التركية هي قبائل مسلمة على المذهب السني، لذا كان قرار سليمان شاه بالالتحاق بإحدى الإمارات في المشرق الإسلامي؛
توضيح: المشرق الإسلامي هو مصطلح أطلق على مناطق من شرق آسيا وشمال افريقيا تصف المناطق التي امتد إليها الإسلام، وقد انتشرت فيها قوى سياسية متناحرة في القرن 7هـ/13م، وتمثلت في كل من:
1. المغول في العراق وأواسط آسيا.
2. المماليك في مصر وبلاد الشام والحجاز.
3. السلاجقة في العراق وبلاد فارس.
4. الامبراطورية البيزنطية (مسيحية) في آسيا الصغرى.
وكان مصير سليمان شاه أن قتل في النزاع الدائر في المشرق على مشارف مدينة حلب.
وخلف سليمان شاه ابنه ارطغرل الذي تحالف مع الأمير السلجوقي علاء الدين، وكان الاتفاق بينهما أن يقوم ارطغرل بمساندة السلاجقة في حربهم ضد البيزنطيين على أن يحصل هو وقبيلته على الأراضي التي يغنمونها من البيزنطيين في آسيا الصغرى.
وخلف ارطغرل ابنه عثمان، ويعتبر هو المؤسس الحقيقي للدولة العثمانية وإليه ينتسب العثمانيون. والسبب في ذلك يعود الى أن عثمان قام بإعلان دولته في آسيا الصغرى عام 1299م بعد قضاء المغول على السلاجقة.
وخلف عثمان ابنه اورخان الذي يعتبر أول من نظم الشؤون الادارية والعسكرية في الدولة العثمانية.
2- التوسع العثماني في آسيا الصغرى وأوروبا
كانت بداية نشأة الدولة العثمانية في أجزاء محدودة من آسيا الصغرى (الاناضول/تركيا حاليا) والتي سرعان ما توسعت حتى شملت كامل آسيا الصغرى ماعدا القسطنطينية التي سيطرت عليها الامبراطورية البيزنطية، ولم يستطع العثمانيون التخلص من البيزنطيين فكان رأي سلاطينهم بالتوسع باتجاه الشمال نحو القارة الأوروبية وتحديدا شبه جزيرة البلقان (الجزء الجنوبي الشرقي من قارة اوروبا). وكان العثمانيون بذلك أول من استطاع نشر الاسلام في اوروبا من جهة الشرق.
وكان هذا السبب الذي جعل الممالك الاوروبية تقف موقفا معاديا من الدولة العثمانية خشية المد الاسلامي في اوروبا.
وكان أبرز السلاطين العثمانيين الذين قاموا بالفتوحات في اوروبا السلطان مراد الأول الذي هزم ملوك الصرب والبلغار واليونان في البلقان في معركة قوصوه عام 1389م.
ثم تلاه ابنه بايزيد الأول (الملقب بالصاعقة) والذي استطاع هزيمة التحالف الاوروبي الثاني في معركة نيقوبولس عام 1396م. ثم توجه لحصار القسطنطينية ضد البيزنطيين الذين تحالفوا ضده مع الاوروبيين.
لكن حصار بايزيد الاول على مدينة القسطنطينية توقف بسبب هجمات المغول على الحدود الجنوبية للدولة العثمانية في آسيا الصغرى، وتوجه بايزيد لملاقاة المغول بقيادة تيمورلنك في معركة أنقرة عام 1402م، والتي انتهت بأسر بايزيد وهزيمة العثمانيين، مما سبب توقف الفتوحات وخسارة العثمانيين لبعض أراضيهم في البلقان.
حتى تولى السلطان مراد الثاني الحكم وقام بمباشرة الفتوحات واستعادة أملاك الدولة العثمانية في البلقان ومحاربة المجر في معركة فارنا عام 1444م.
فتح القسطنطينية
تولى السلطان محمد الثاني (لقب محمد الفاتح) الحكم وتوجه لاستكمال الفتوحات في شمال البلقان، لكن العداء البيزنطي ضد الدولة العثمانية ورغبة محمد الفاتح في فتح هذه المدينة جعلته يتوجه لحصارها.
فائدة سمع محمد الفاتح وهو أمير صغير من شيخه حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام في مدينة القسطنطينية وهو بشارة أنها ستفتح للمسلمين؛ أثنى فيه النبي صلى الله عليه وسلم على أمير فاتحي القسطنطينية وجيشهم رواه الإمام أحمد في المسند وغيره، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش". فأراد محمد الفاتح أن يكون هو من ينال هذا الشرف.
ومع فتح القسطنطينية تم اتخاذها عاصمة للدولة العثمانية باسم اسلام بول (وهي استانبول حاليا).
واستمرت الفتوحات في اوروبا حتى وصلت الدولة العثمانية أوج اتساعها في عهد سليمان القانوني الذي حارب المجر وفتح مدينة بودابست فوصل الى حدود امبراطورية النمسا.
التوسع العثماني في البلاد العربية
توضيح: تغير المشرق الإسلامي في القرن 10هـ/16م بتغير القوى السياسية، وتمثلت في كل من:
1. الدولة الصفوية الشيعية في العراق وبلاد فارس.
2. المماليك في مصر وبلاد الشام والحجاز.
3. الدولة العثمانية في آسيا الصغرى.
كانت الدولة العثمانية على المذهب السني، ولما تولى السلطان سليم الأول الحكم خشي من زيادة نفوذ الدولة الصفوية ذات المذهب الشيعي في مناطق المشرق الاسلامي، خاصة مع توجه الصفويين نحو العراق بعد سيطرتهم على بلاد فارس (ايران حاليا). فما كان منه إلا أن جهز جيشا وقاتل الصفويين في معركة جالديران في العراق عام 1514م، وانتصر فيها سليم الأول ولكنه لم يجعل العراق ولاية عثمانية بل تركها بيد أهلها يحكموها.
أما مصر وبلاد الشام والحجاز فكانت قلب العالم الإسلامي وفيها المقدسات الإسلامية، ومع ضعف دولة المماليك التي كانت تسيطر على مصر وبلاد الشام والحجاز، أصبح الخوف على المشرق الإسلامي من خطر الاوروبيين خاصة مع الحروب الصليبية التي شهدتها المنطقة لفترات طويلة. فأراد سليم الأول ضم مصر وبلاد الشام والحجاز للدولة العثمانية، واستطاع ذلك بعد معركتين خاضها ضد المماليك في مرج دابق عام 1516م، ثم الريدانية عام 1517م. وبذلك أصبحت كل من بلاد الشام ومصر ولايتين عثمانيتين.
اليك الآن ملخصا لأبرز انجازات السلاطين العثمانيين على الخط الزمني التالي:
(ملاحظة: قد تختلف بعض المعلومات والمصطلحات التاريخية وذلك بحكم أن المصادر التاريخية لهذه الأحداث متعددة ومختلفة)